أخبارأخبار االسودانمجتمع

الهندي عز الدين يعدد أسباب توقف صحيفة (المجهر السياسي): الاقتصاد هزمنا و هزم حكومة الثورة

ظلت الصحف الورقية تتعرض لخسائر يومية خلال السنوات الأخيرة ، لأسباب عديدة و مختلفة ، سياسية و أمنية و اقتصادية ، فالرقابة الأمنية القبلية خلال العقدين الماضيين من حكم (الإنقاذ) ضايقت الصحف بقسوة ، و خصمت منها الكثير ، و جعلتها تتحرك في مساحات محدودة و محسوبة ، ما أدى إلى تراجع كميات المطبوع و نسبة التوزيع ، ثم عمدت سلطات ولاية الخرطوم خلال الخمس سنوات الماضية إلى إزالة المئات من المكتبات و أكشاك التوزيع التي تمثل منافذ توزيع الصحف ، بحجة تجميل شوارع الخرطوم ، بينما عادت و صدقت أكشاكاً لتحويل الرصيد و بيع “التمباك” ، ما يؤكد أن القرار كان سياسياً و أمنياً لتحجيم انتشار الصحف . وقد قالها أحد الفاشلين النافذين في النظام السابق :(انتهينا من الأحزاب .. فضل لينا الجرايد)!!

غير أن الوضع الاقتصادي المتدهور باستمرار منذ نهايات عهد (الإنقاذ) و إلى يومنا هذا ، ظل هو العامل الأساس في إزهاق أرواح الصحف .. واحدة بعد أخرى .
قبل عام بالضبط كان سعر طن الورق (70) ألف جنيه (سبعين ألف جنيه) ، بينما سعره اليوم أكثر من (170) ألف جنيه .. أي بزيادة (100) ألف جنيه !!!
و ارتفعت قيمة التشغيل بالمطابع (أحبار و عمالة و كهرباء) نحو (6) مرات ، قياساً إلى ما كان عليه الحال في أبريل الماضي (تاريخ الحظر الشامل بسبب جائحة كورونا) .
كل الصحف الصادرة في الخرطوم اليوم .. كلها .. خاسرة .. بلا استثناء .. ابتداءً من الصحيفة الأعلى توزيعاً و إلى أدنى الصحف انتشاراً .
و من المفارقات أن الصحيفة التي نشرت خبر تعليق صدور (المجهر السياسي) و هي صحيفة حديثة ، كان عائد توزيعها في اليوم قبل جائحة كورونا ، أقل من (5) آلاف جنيه ، مع أنها مناصرة للثورة ، بينما عائد توزيع (المجهر السياسي) نحو (70) ألف جنيه !! و بالتالي .. بحسابات الربح و الخسارة .. يفترض أن تتوقف هذه الصحيفة من العدد الأول !!!
و إذا كانت (المجهر) وهي الصحيفة (الثانية) في التوزيع حتى عددها الأخير ، تتوقف لأسباب اقتصادية ، فكيف تستمر صحف تطبع ألفين و ألف نسخة ؟! أجيبوني بالمنطق و الحسابات .
لكن بعض ناشري الصحف من الوافدين على المهنة ، يظل يسدد الخسائر من مصادر أخرى لعدة شهور ، لانجاز أجندة سياسية أو تجارية محددة ثم يتوقف !! كثيرون فعلوا ذلك خلال السنوات الماضية .
كما أن بعض ناشري الصحف لا يريد أن (يعلن) التوقف و لو مؤقتاً ، حتى لا يضطر لسداد حقوق العاملين ، فيتوقف في صمت وهدوء ، ليتكفل الزمن بمعالجة حقوق العاملين !! و أنا – والحمد لله – لست من هذا الصنف .
و قد كان بامكاني أن استغل حالة الانهيار الاقتصادي الذي ضرب كل القطاع الخاص في بلادنا و أفقر شعبنا ، فأعزو توقف الصحيفة إلى (أسباب سياسية) بسبب ضغوط تعرضتُ لها من سلطات الحكم الانتقالي ، و الجميع يعرف أنني أول مَنْ وقف ضد حكام اليوم من قوى الحرية و التغيير ، يوم أن هرب الجميع من ساحة المواجهة ، (الكيزان) و أتباعهم ممن تنعموا .. واستوزروا .. و أثروا من حكومات النظام السابق، و (العسكريين) الذين داهنوا و نافقوا قوى الحرية و ما زالوا ينافقون .
لكنني أُشهِد الله العظيم .. أنني طوال فترة وجودي في السودان التي امتدت ل(عشرة شهور) ، بعد عودتي من رحلة علاج قاسية في القاهرة ، لم أتعرض لأي مضايقات ، من أي نوع ، و أعلم أنهم بحثوا و نقبوا في حساباتي المصرفية ، و لم يجدوا مالاً عاماً من الدولة أو الحزب الحاكم سابقاً ، أو دعماً خاصاً (محلياً ) أو (أجنبياً) ، يدخلها ، فما تجنوا عليّ و كذبوا على الناس زوراً و بهتانا، و لا أنا زايدتُ عليهم الآن ، و قد ظللتُ أكتب ضد سياساتهم و قراراتهم الخرقاء ، و سأستمر في الكتابة عبر موقع (المجهر الإلكترونية .. (www.almeghar..com) ، بما يمليه عليّ ضميري الوطني ، و ما أرى فيه مصلحة الوطن و خير الشعب ، يختلف معي مَنْ يختلف و يتفق معي بحب مَنْ يتفق .
أنا مستمر بقوة و ثبات ككاتب عمود يومي (شهادتي لله) و ناشر ل(المجهر الإلكترونية) التي ستشهد طفرة كبرى خلال الفترة المقبلة ، ليرتادها مئات الآلاف من القراء ، داخل و خارج السودان .
بقي أن أحيي الرائعين من زملائي و زميلاتي الأوفياء .. الصادقين .. و المخلصات .. الجميلات .. كل مَنْ كتب منهم حرفاً نبيلاً في حقي .. و حق مؤسستهم التي ستبقى مؤثرة في القرار السياسي في السودان ، مهما تبدلت الأنظمة و تغيرت الحكومات .. وستظل بإذن الله في نسختها الجديدة ، منبراً كبيراً و شاملاً يسع كل السودانيين .
كما لابد لي أن أحيي تحية إجلال و فخار كل قراء النسخة الورقية الذين ناصروني طوال السنوات الثماني الماضية ، و ظلوا يقبلون عليها بقوة رغم كل دعوات السفهاء لمقاطعتها ، فاستمرت في صدارتها ، بل زاد توزيعها بعد الثورة بنسبة (25%) ، لكنه الاقتصاد .. هزمنا و هزم حكومة الثورة !!
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك .

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى