الخبير المستقل لحقوق الانسان يطعن في لجنة إزالة التمكين ويبدي مخاوف بشأن الحريات وجهود المصالحة

الخرطوم: الطابية
عبر الخبير المستقل المعني بحقوق الانسان في السودان أرستيد نونوسي عن قلقه العميق من النهج الانتقامي للجنة ازالة التمكين ومكافحة الفساد، وإنتقد بشدة حل النقابات والاتحادات المهنية دون مراجعة قانونية ، كما عبر عن قلقه العميق من الأحكام القانونية الجديدة التي تقييد حرية التعبير، وشدد على ضرورة منح الأشخاص المتضررين من قرارات لجنة إزالة التمكين إمكانية الطعن أمام الهيئات القضائية في الوقت المناسب والتحقق من أن إجراءات الطعن تتفق مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
وأبدى أرستيد قلقه إزاء الأحكام القانونية الجديدة التي تقيد حرية التعبير ومضايقة الصحفيين في السودان، ونقل في تقرير سيقدمه لمجلس حقوق الانسان مخاوفه بشأن العزل السياسي الذي تنتهجه لجنة إزالة التمكين في السودان والذي يؤدي إلى تقويض جهود المصالحة بدلاً من تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون. ولفت التقرير إلى أن الوثيقة الدستورية لا تنص على إنشاء لجنة سياسية لتفكيك النظام وإنما مفوضية «مستقلة» لمكافحة الفساد، مشيراً في هذا الصدد إلى طرد أكثر من ١٠٠ دبلوماسي وآلاف من موظفي الخدمة المدنية بالوزارات والمؤسسات الحكومية، وأبدى الخبير المستقل، قلقه من حل نقابات عمالية دون مراجعة قضائية، وتساءل تقرير الخبير عن نتائج لجنة التحقيق في الاستهداف الذي تعرض له رئيس الوزراء، لافتاً إلى أن بيان الحكومة أكد استهداف رئيس الوزراء بتفجيرات إرهابية بينما لم تكشف أي معلومات جديدة عن الأمر.
وجاء في التقرير الذي سيطرحه أمام مجلس حقوق الإنسان في سبتمبر المقبل : يساور الخبير المستقل القلق إزاء حل نقابات عمال يعتقد إنها مرتبطة بالنظام السابق من دون مراجعة قضائية، وفي 14 كانون الأول ديسمبر 2019 أصدرت اللجنة المعنية بتفكيك النظام السابق المرسوم رقم 3 لسنة 2019 المتعلق بحل نقابات العمال والذي يهدف إلى مصادرة جميع ممتلكات وأوصول مختلف نقابات العمال وأصولها وإنشاء لجنة تعني بتنقيح القوانين الناظمة لنقابات العمال والتحضير لانتخابات جديدة لقيادات النقابات العمالية ، وفي 16 كانون الثاني ديسمبر أصدر بنك السودان المركزي قرارا يقضي بمصادرة وتجميد أصول نقابات العمال المنحلة.وقد تشكل هذه الاجراءات إنتهاكا لحرية تكوين الجمعيات وحق العمال في تكوين النقابات والإنضمام إليها من أجل حماية مصالحهم على النحو الذي تكفله الوثيقة الدستورية وإلتزامات البلد الدولية في مجال حقوق الانسان بما في ذلك إتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن الحرية النقابية وحماية التنظيم لعام 1948 (رقم 87) وأضاف التقرير : على الرغم من هذه التطورات يشعر الخبير المستقل بالقلق أزاء الأحكام القانونية الجديدة التي تقييد حرية التعبير وتفرض عقوبات شديدة ، ففي 31 أيار مايو 2020، صادق المجلس المشترك على قانون حماية الأطبار والكوادر والمنشآت الصحية لسنة 2020 الذي يهدف إلى ردع الإعتداءات المتكررة على لأطباء والعاملين في الحق الصحي في السودان في سياق جائحة كوفيد – 19 ، وبينما يشير القانون إلى إعتزام الحكومة حماية الموظفين الطبيين ، فإنه يتضمن أيضا أحكاما تقييد حرية التعبير ، حيث إن القانون ينص تحت عنوان ” الجرائم والعقوبات” على أن كل من ينشر معلومات مضللة أو غير صحيحة تؤثر في أداء الموطفين الطبيين يعرض نفسه لعقوبة قد تصل الى 10 سنوات سجنا.
وأشار التقرير إلى أن المجلس المشترك (السيادي والوزراء وقوى الحرية والتغيير ) أجاز قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989م، وأشار الي أن الوثيقة الدستورية لا تنص على إنشاء هذه اللجنة ، ولكنه تنص على احداث الممفوضية المستقلة لمكافحة الفساد.
ولاحظ الخبير المستقل أن القانون المنشئ للجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو عدل في 30 نيسان ابريل 2020 وذلك بغيى توسيع نطاق سلطة العزل التي تمتلكها اللجنة لاستهداف كيانات ” الدولة” بدلا من الكيانات الحكومية حسب ما تفيد به تقارير ، وعلى هذا الأساس يجوز للجنة عزل جميع الموظفين العاملين ، بمن فيهم العاملون في الجهاز القضائي وفي المفوضيات المستقلة.
كما عبر عن مخاوف من أن تتحول قرارات لجنة التفكيك إلى عملية عزل سياسي وإذا حصل ذلك فإن هذه العمليات ستقوض فرص المصالحة بدلا عن تعزيز حقوق الانسان وسيادة القانون وتخلق شعورا بالاستياء في صفوف المتضررين من العملية ، ويحث الخبير المستقل الحكومة على أن تكفل احترام المعايير الدولية لحقوق الانسان خلال مختلف مراحل العملية ووضع الاطار اللازم لعملية تدقيق تتقيد بحقوق الانسان تجنبا لإساءة إستعمالها سياسيا وضمان وصول المتضررين من قرارات اللجنة إلى العدالة.
وشدد الخبير المستقل على ضرورة التأكد من منح الأشخاص المتضررين من قرارات اللجنة الوطنية لتفكيك النظام السابق إمكانية الطعن أمام الهيئات القضائية في الوقت المناسب والتحقق من أن إجراءات الطعن تتفق مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة ، وفي هذا السياق ينبغي أن تبقى عملية التدقيق التي تقوم بها اللجنة مرتبطة بإطار العدالة الانتقالية الشامل والكلي الذي تمس الحاجة إليه في السودان.