أخبارأخبار االسودانتقارير

صراع المركز والولايات.. الاعتصامات تغلق الطرق القومية وتفتح أبواب المطالب

الخرطوم: الطابية
لا يزال المئات من مواطني سنكات في الشوارع لليوم الثالث على التوالي، حيث أغلقوا طريق (الخرطوم ــ بورتسودان) احتجاجاً على تعيين ولاة الشرق، عن طريق المحاصصة الحزبية، قبل التوافق على الأسماء وكيفية الاختيار، إلى جانب مطالبات التنمية، واطلاق سراح بعض أبناؤهم المعتقلون في سجون الحكومة، مما تسبب في توقف حركة الصادر والوارد، كما اشتعلت الاحتجاجات المطلبية مرة واحدة في معظم الأقاليم التي تجاهلتها الحكومة المركزية، في واحدة من أسوأ الأزمات التي ضربت الولايات مؤخراً.

في وقتٍ شددت الحكومة الانتقالية على فرض هيبة الدولة بالقوة، وعدم التراجع عن قرار تعيين الولاة، الذين أدوا القسم أمس الاثنين، وبرزت ضدهم أصوات الاحتجاجات والرفض، بينما تتصدر الاحتجاج على تعيين الولاة أصوات بارزة ومؤثرة في الشرق على سبيل المثال، ‏أعلن ناظر عموم قبائل الهدندوة سيد محمد ترك رفضهم تعيين والي الولاية الجديد بالبحر الأحمر ، مؤكداً استمرار التصعيد حتى تتراجع الخرطوم عن قرارها .

وبات السؤال الأكثر الحاحاً، هل ستقوم السلطات بإستخدام القوة بالفعل لإنهاء حالة إغلاق الطرق القومية، وتصفية الاعتصمات، أم انها ستنحني أمام العاصفة؟ وكيف سيحدث ذلك، خصوصاً في نهر النيل وشرق السودان، ودارفور؟ لأن ما هو واضح حتى الآن ان الولاة أنفسهم سوف تواجههم تحديات عديدة أبرزها الاعتراضات المستمرة على تعينهم .

في وقت سابق أغلق سكان نهر النيل، كامل طرق الولاية، حيث بات غير مسموح بالدخول أو الخروج أو المرور عبر طرق الولاية الرئيسية، وذلك احتجاجاً على اختيار إمرأة لمنصب الوالي. في غضون ذلك توافد سكان العزيزية والجابراب وقرروا نصب خيامهم قرب مكاتب أمانة الحكومة في الدامر معلنين اعتصاماً مفتوحاً. وقال شهود عيان لـ(الطابية) أن سكان مدينة شندي أغلقوا طريق التحدي بشكل كامل منتصف هذا الأسبوع، فيما أغلق مواطنو المتمة، طريق المتمة ــ أم درمان، وسارع بعض شباب قرى نهر عطبرة لإغلاق طريق بورتسودان، وأبلغ شهود عيان (الطابية) أن سكان نهر النيل فرضوا حالة عزل كاملة للولاية مطلع هذا الأسبوع، لم تحدث حتى أيام أزمة (كورونا)، وبدا أن هناك ما يشبه التضامن بين معظم سكان الولاية بشأن الاستمرار في التصعيد حتى سحب الوالي.

وتفجرت منذ أشهر أيضاً احتجاجات في أطراف البلاد عبرت عن نفسها في شكل (اعتصامات) حتى شارفت الـ(7) اعتصامات، كانت البداية من اعتصام (نيرتتي) بوسط دارفور، الذي تم رفعه بعد الاستجابة لمعظم المطالب المتمثلة في الأمن وتوفير الخدمات وغيرها، وتفرخت الاعتصامات بعد ذلك تباعاً كبراكين صغيرة في سلسلة من جبال النار.

الحكومة المركزية في الخرطوم، كانت مفتونة لحدٍ كبير بإعتصام (نيرتتي)، وكانت تستخدم الاعتصام كمثال على حدوث تحول في عقلية المجتمع، وخصوصاً (الدارفوري) الذي اعتاد على إشهار المطالب بالسلاح من أجل الوصول إلى طاولات التفاوض، وتحول مساره عبر وسائل جديدة أكثر جاذبية .
وفي زحمة هيستريا التفاعل مع نيرتتي كانت عدوى الاعتصامات تتسرب إلى الولايات بوتيرة أسرع حتى من وباء (كورونا)، وكان واضحاً أن الحكومة وتحديداً رئيسها عبد الله حمدوك، الذي غرد في (تويتر) مفتوناً باعتصام (نيرتتي) في مواجهة سلاح الاحتجاج الجديد، ما أضطره تقريباً لاعلان الولاة دون موافقة جميع الأطراف، بما فيهم الجبهة الثورية.

وإذا كانت (نيرتتي) خطفت جزرة الحكومة، فإن باقي الاعتصامات على نحوٍ ما وجدت أو ستجد عصاة الحكومة، وهو الأمر عينه، الذي استقبلت به الحكومة اعتصامي (فتابرنو وكتم)، اللتين وجدتا ذات مصير اعتصام القيادة العامة في الخرطوم، من خلال محاولة فضها بالقوة .
بدأت موجة الاعتصامات في (نيرتتي) بوسط دافور، ثم انتقلت الموجة إلى (فتابرنو، كتم وكبكابية)، وقفزت الموجة إلى شرق السودان، حيث شهدت مدينة الحواتة بولاية القضارف، اعتصاماً مماثلاً لا زال قائماً، قبل أن تنضم لها لاحقاً مدينة الفاو، ثم مدينة بورتسودان وكسلا، حيث دعا مؤتمر البجا لاعتصام مفتوح، قبل ان تنتقل أيضاً العدوى شمالاً، إلى أمري، وبعدها إلى منطقة البطانة، تحديدا اعتصام تمبول الذي لم تعبأ به السُلطات، ولا وجد حظه من التداول الاعلامي.

عقب آدائهم القسم، أمس، ربما سيصل بعض الولاة إلى ولاياتهم خلال ساعات، أو غداً الأربعاء، خصوصاً الولايات التي لم تشهد اعتراضات على ولاتها، بينما قد يكون مؤجلاً ذهاب المجموعة الأخرى حتى تهدئة الأوضاع في ولايات، (كسلا، البحر الأحمر، نهر النيل وشمال كردفان)، لأن الأوضاع في تلك المناطق، تشهد تطورات متسارعة، من بينها وسائل رفض الولاة أنفسهم، ما يصعب بصورة كبيرة مهاهم ويفاقم التحديات الأمنية والسياسية قبالة الحكومة الانتقالية  .

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى