اقتصادحوارحوارات وتحقيقاتصفحات متخصصة

في حوار مع ( الطابية),(خبير إقتصادي): الوضع متدهور وتغيير العملة هو الحل

 

تردي الأوضاع الإقتصادية، والتدهور المستمر في قيمة الجنيه أكثر ما يؤرق المواطن السوداني ويجعله عاجزًا عن الحصول على احتياجاته الأساسية من السلع، فما أسباب فوضى السوق و أين القوانيين الرادعة لحماية المستهلك من جشع التجار، ( الطابية) استنطقت رئيس اللجنة الاقتصادية بالجمعية السودانية لحماية المستهلك الخبير الإقتصادي د. حسين القوني، الذي كشف كثيراً من المعلومات والحقائق، حول واجبات الدولة و دورها في ضبط الأسواق، وأسباب تدني قيمة الجنيه فضلًا عن الحلول العاجلة المطلوبة للخروج من النفق المظلم وضرورة تغيير العملة، فإلى ما أدلى به..

حاورته: تسنيم عبد السيد

بداية، ما الذي أوصل الاقتصاد السوداني الى هذا الحد من التدهور؟

غياب الرؤية والتخطيط السليم لموارد البلد وامكاناتها هو السبب وراء الانهيار الاقتصادي

الأسباب كثيرة أهمها غياب الرؤية والتخطيط السليم لإمكانات البلاد ومواردها، السودان يتمتع بموارد ضخمة وثروات زراعية وحيوانية وتعدينية وبترولية وسياحية متعددة، و مع ذلك لم يُحسن استغلال هذه الموارد لتحسين ميزانية الدولة وتحسين النشاط الكلي للاقتصاد والناتج القومي.

 

تقصد أن الفشل سببه الإدارة؟

نعم، سوء الإدارة من أهم أسباب التردي الاقتصادي، ومعظم الفشل والمشاكل في السودان بكافة القطاعات بسبب سوء الإدارة، وفيما يتعلق بالإقتصاد فإنه لا يوجد تخطيط استراتيجي، ولا مرحلي تتم مراجعته من وقت لآخر وتصحيح الانحرافات، واستمر هذا الوضع لسنوات طويلة قادت إلى المشاكل الحالية في المعيشة، كذلك من المشاكل ضعف الإنتاج والإنتاجية، وضعف موارد الدولة من النقد الأجنبي، سواء من الصادرات أو القروض والتسهيلات وتحويلات المستثمرين والمغتربين، ضعف الاستثمار وسوء المناخ الاستثماري وعدم جاذبيته، ما جعل الموارد المحلية تهرب ليتم استثمارها في الخارج.

ماذا عن التدني المستمر لقيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية؟

مشكلة النقد الأجنبي سببها ضعف الصادرات وكثرة الواردات، دون وضع علاج ناجع لهذه المشكلة منذ عشرات السنيين، وظل هنالك ارتفاع مستمر في سعر العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع التضخم وغلاء أسعار السلع والخدامات ما أرهق كاهل المواطن المستهلك.

طالبنا بتفعيل قانون حماية المستهلك وقانون التجارة المحلية لضبط فوضى الأسواق

الوضع الاقتصادي المتردي هو أكثر ما يؤرق المواطن، هل أنت متفائل بالحكومة الجديدة؟

أتفاءل في حال التزام أصدقاء السودان بتوفير ما التزموا به من دعم للبلاد، وكذلك التزام الحكومة بتحسين المناخ الاستثماري، وتحسين الخدمة المدنية برفع القدرات والتدريب، وتهيئة بيئة العمل ومحاسبة العاملين وتحفيزهم على الأداء الجيد، وأتفاءل كذلك حين يتحسن سلوك المواطن في الحفاظ على موارد البلاد، فالمواطن جزء من التغيير وعليه استشعار ذلك، وأيضًا لا بد من استغلال موارد السودان التي له فيها ميزة نسبية والاتجاه نحو الصادر، ومحاربة التهريب والاحتكار.

الشكاوى كثُرت من انفلات الأسعار في الأسواق، ما دوركم؟

طالبنا بضرورة تفعيل قانون حماية المستهلك، وقانون الهيئة القومية لحماية المستهلك وقانون التجارة المحلية، حتى يكون هناك انضباط في السوق، و احترام للمستهلك، كما أن هنالك إهمال تام لأوضاع المستهلك في الولايات، وعدم التزام بتطبيق قانون حماية المستهلك في ولاية الخرطوم، هذه الأوضاع المختلة أدّت إلى ارتفاع الأسعار و فوضى الأسواق.

برأيك هل الأمر فقط تطبيق قوانيين أو أنه بحاجة لإجراءات أخرى؟

فوضى الاسواق سببها غياب الالتزام بالقوانيين واللوائح، فالقانون يُنظم العمل ويحفظ للمستهلك حقه في الحصول على سلعة آمنة، بسعر مناسب وجودة عالية، كما في قانون حماية المستهلك وقانون التجارة الذي فيه إلزام لكل صاحب سلعة أو خدمة بكتابة السعر في مكان واضح بالعبوة، يُمكِن المستهلك من الاطلاع عليه واتخاذ قراره بالشراء أو الرفض.

هذه القوانيين تحمي حق المستهلك على الورق فقط؟

لذلك نسعى جاهدين ونطالب بتفعيل القوانيين، وكذلك لا بد من إنشاء شرطة ونيابة ومحاكم خاصة بحماية المستهلك في كل ولايات السودان، للإسراع في محاسبة المخالفين ومنع تكرار المخالفات.

هل العقوبات الواردة بالقوانيين كافية، ما عقوبة التاجر الذي لا يلتزم بوضع السعر على العبوة مثلًا؟

العقوبة مُضَمّنة في القانون، لكن لا يوجد التزام، فلا بد من مراجعة هذه القوانيين لتصبح أكثر صرامة وقسوة على منتهكي حقوق المستهلك.

لا يعقل إطلاق يد السماسرة والسِريحة في الأسواق بالبيع والشراء في العملات

سجن أم غرامة؟

كلاهما موجود في القانون، والخيار للقاضي بتطبيق احدهما أو العقوبتين معًا، وأفتكر أن هذه الأحكام ليست قاسية على من يتعدى على حقوق المستهلك ويجب تغليظها.

ماذا عن عقوبات تُجار العملة؟

هذه الفئة هي أحد العوامل التي ساهمت في ارتفاع اسعار العملات الحرة في السوق الموازي، لأنه لا يعقل إطلاق يد السماسرة والسِريحة في الأسواق بالبيع والشراء في العملات، تحديدًا الدولار والريال، دون مُساءلة وعقوبات رادعة، ويجب أن تكون العقوبات في حق هؤلاء اكثر ردعًا ولا تكفي الغرامة، فعلى الأقل الغرامة والسجن معًا ولفترة أطول.

أطالب بتغيير العملة

هنالك مطالبات بتغيير العملة انت مع ام ضد وهل الوقت مناسب لذلك؟

نعم أطالب بتغيير العملة، لكن لحساسية الأمر لا بد من التعاطي مع هذه المسألة بسرية تامة، ويسبق ذلك توفير نقد أجنبي رصيد احتياطي في بنك السودان لمقابلة أي طلبات من العملات الحرة لأغراض الاستيراد أو السفر أو غيرها من الالتزامات الجارية، حتى لا يكون هنالك مجال لتجار العملة لدخول السوق وتوفير النقد الاجنبي إذا كان هنالك نقص بالبنوك، ولا بد من تشديد العقوبة على المتاجرين بالنقد الاجنبي المُضرين بمصالح بلادهم، توفير أرصدة بالنقد الأجنبي ضرورة قصوى يجب أن تسبق تغيير العملة، لأن تغيير العملة قبل توفير النقد الأجنبي اللازم ببنك السودان سيؤدي إلى نتائج كارثية، ولا بد من تنشيط دبلوماسية السودان وسفاراته للحصول على موارد من النقد الأجنبي، لتمثل مع حصائل الصادرات رصيدًا لموارد البلاد، خاصة أن السودان يتمتع بسلع استراتيجية عالمية كالصمغ والسمسم و الثروة الحيوانية، فضلًا عن الذهب.

برأيك ما الإجراءات الواجب اتخاذها لمنع تفاقم الأزمة الاقتصادية؟

المطلوب تحسين استغلال الموارد والاستفادة من الميزات النسبية في الاقتصاد، محاربة التهريب وتجارة العملة، وتشديد العقوبات على المخالفين، مع التخطيط الاستراتيجي لبعض السلع القابلة للتصدير وفقًا لأسبقيات الحكومة، توفير فرص العمل للشباب وجذب الاستثمارات الأجنبية، توفير التمويل اللازم لصغار المستثمرين، تشجيع الاستثمار وتحسين المناخ الاستثماري بصفة عامة.

السودان بلد زراعي لكن عراقيل كثيرة تقف أمام المستثمرين في هذا المجال؟

فيما يتعلق بالنشاط الزراعي لا بد من حل مشكلة الأراضي بالنسبة للمستثمرين، لأن كثير من الاراضي في السودان يتم الحصول عليها بالحيازة فقط، وتُترك بورًا دون أن يستفيد منها أحد، وكثير من المستثمرين يتم منحهم أراضٍ ويذهبوا لبدء العمل يواجهوا برفض من الأهالي، وأن هذه أرضنا وكذا فيضطروا للانسحاب، ومثل هذه الأفعال تخلق سمعة سيئة للبلد في مجال الاستثمار الزراعي ولا بد للدولة من ايجاد حلول لمشاكل ملكية الأراضي.

بعد ان تجاوز ال 400 جنيهًا، بدأ الدولار في الهبوط التدريجي إلى أي رقم يمكن ان يصل؟

هذه ليس من السهل التكهن بها، لكن إذا ما تم تحويل اي مبالغ من الأصدقاء والممولين من خارج السودان، ذلك سيتسبب في صدمة نفسية للمتعاملين مع الدولار وسينخفض الدولار، والانخفاض النسبي الذي حدث خلال الأيام الماضية سببه تشكيل الحكومة الجديدة والانضباط في السوق، والوعود بوصول مليار ونصف إلى خزينة الدولة، هذا الانخفاض يعني أن هنالك ارهاصات أو إجراءات قادمة لمعالجة هذا الوضع.

هل لاستقرار الدولار علاقة بتغيير العملة؟

أكيد، لأن تغيير العملة يفرض على كل من له نقد مُخَزّن في مكان ما، توريده إلى البنوك وتعود كل الأموال الى الجهاز المصرفي، فجمع هذه الأموال في البنوك يُمكِن بنك السودان من وضع السياسات النقدية المناسبة، وعلى اثر تلك الاجراءات سينخفض الدولار.

ما أسباب الارتفاع المستمر في سعر الدولار؟

من أهم أسباب إرتفاع الدولار، أنه أصبح سلعة في السودان وليس وسيلة للتعامل التجاري، وهذا أمر خطير كان له ضرر كبير على الاقتصاد في الآونة الاخيرة، كثير من التجار أوقفوا مصالحهم وباتوا يعملون في بيع وشراء الدولار، فلا بد من تغيير العملة لأن ذلك هو الحل الأنجع الذي يؤدي إلى نتائج حاسمة وسريعة، في حال توفر النقد الأجنبي للدولة.

متى سيختفي السوق الاسود؟

يختفي حينما تكون احتياجاتنا من النقد الأجنبي متوفرة بالبنوك المحلية سواء للاستيراد أو السفر أو العلاج، لكن متى ما كانت هنالك فجوة بين الإيرادات والمصروفات في النقد الأجنبي سيظل هناك سوق موازي للنقد الأجنبي، وكل ذلك يجب أن يُقرَن بقوانيين صارمة جدًا للتعامل مع النقد الأجنبي وقفل منافذ الاستيراد.

ماذا تقصد بوقف الاستيراد؟

لا بد من منع الاستيراد للأفراد أو الشركات، التي تتحصل على العملات من السوق الموازي، لذلك يتوجب أن تتسق السياسات الكلية للدولة مع بعضها البعض لتؤدي النتائج المرجوة، هناك تجارة نشطة جدًا هذه الايام عبر الحدود مع مصر لتصدير الفول السوداني والسمسم والصمغ، والثروة الحيوانية، لماذا تذهب هذه المنتجات وهي خام ولا يتم تصنيعها، لذا نطالب بوقف تصدير السلع السودانية وهي خام ولا بد من تصنيعها و لو جزئيًا، مثلًا تصدير اللحوم والاستفادة من بقية اجزاء الحيوان كالجلود ومعالجتها كيميائيًا والدم والقرون التي يتم منها صناعة ” الزراير”، كل هذه تمثل قيمة مضافة للصادرات السودانية، لا بد من الانتباه لذلك وإنشاء مصانع متخصصة لتصنيع اللحوم وغيرها من السلع لوقف تصدير الخام.

نصيحة لمسؤولي الحكومة والوزراء الجدد؟

الوزراء الجدد “ربنا يعينهم”، لا بد من الحرص على اتخاذ القرارات الصحيحة لتطبيق نظام إداري سليم يُعيد الأمور إلى نصابها، بعد أن كُنا الدولة التي يُشار لها بالبنان في حسن الأداء أصبحنا الأسوأ، وكذلك تشديد العقوبات على الفساد الإداري والأخلاقي والمالي بمؤسسات الدولة، لا بد من تحسين الخدمة العامة في أجهزة الدولة، فلا يُعقل أن يخرج الموظفون لعزاء أو مناسبة أثناء ساعات العمل الرسمية، إضافة إلى ذلك فان مؤسسات الدولة خاصة الخدمية بها تساهل أكثر مما يجب

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى